الطريق إلى ضمان جودة التعليم العالي عبر الإنترنت

 

طرق ضمان جودة التعليم العالي عبر الإنترنت

المقال بقلم Nita Temmerman

نُشر على موقع university world news

بتاريخ 21 September 2019

طرق ضمان جودة التعليم العالي الإلكتروني

الأطفال اليوم هم جزء من جيل رقمي نشأ في عالم محاط بالتكنولوجيا والإنترنت. فقد أصبحت الرقمنة والذكاء الاصطناعي والتقنيات اللاسلكية والمركبات ذاتية القيادة والطباعة ثلاثية الأبعاد جزءًا مهماً من الحياة اليومية ولا تزال أهميتها تتزايد يوماً بعد آخر. وإذا ما قمنا باستقراء واسع يمكننا القول أنَّ هناك ارتفاعاً كبيرا في عدد الأسر التي تملك على أقلّ تقدير جهاز كمبيوتر واحد يستعين به أبناءهم في مجال الدراسة.

وإذا رجعنا إلى مدة ليست بالبعيدة نلاحظ أنّه مع ظهور الإنترنت ، بدأ العمل الجاد على استكشاف إمكانية تقديم تجارب تعليمية تفاعلية عبر الإنترنت ، وبحلول الثمانينيات ، بدأت أولى بيئات التعلم الافتراضية (التعليم عن بعد عبر الانترنت) في الظهور. ومن ثم بدأ التسجيل في الدورات التدريبية عبر الإنترنت في النمو بحوالي 35٪ سنويًا مع تزايد عدد مؤسسات التعليم العالي التي تقدم شهادات عبر الإنترنت.

وفي مجال الصناعة والأعمال نجد أيضًا أنَّ قيمة استخدام التعلُّم عبر الإنترنت لأغراض التدريب تزايدت بشكل ملحوظ ومن ثم نلاحظ أنَّ سوق الشركات عبر الإنترنت بات يشهد نموًا صحيًا ، ومن المتوقع أن يستمر في النمو بنحو 15٪ سنويًا. حتى بات التدريب المستمر وصقل المهارات يعدُّ أمرًا ضروريًا في السوق التنافسي اليوم.

ومن جهة أخرى يمكن القول أنَّ أحد أكبر التحديات المرتبطة بالتعليم عبر الإنترنت هو طمأنة أولياء الأمور وأصحاب العمل والطلاب أن جودة ما يتلقاه المتعلمون جيدة تمامًا مثل تلك التي يتم تقديمها في الوضع الاعتيادي في عملية التعليم وجهاً لوجه. ولكن هذا التحدي بالطبع ، غالبًا ما يتفاقم بسبب نوع وجودة ما يتم تقديمه بالفعل والطبيعة المخصصة التي ظهرت فيها شركات التعليم عبر الإنترنت. حيث أنّ ما ينتجه بعضهم مشكوك فيه للغاية وهذا يؤثر بشكل أوسع على كيفية الرقي بالتعلم عبر الإنترنت.

نعم يمكن القول أن النظرة السلبية التي ارتبطت بالتعليم عبر الإنترنت في بعض البلدان ومن قبل بعض أصحاب العمل قد اختفت تقريبًا وأصبح الآن أمراً مقبولاً إلى حدٍ كبير حيث تحولَت النظرة لعملية التعليم الألكتروني بشكل تدريجي على أنّها ذات مصداقية مثل الشهادات التقليدية التي يتم تسليمها وجهاً لوجه، نعم لا تزال هناك بعض الشكوك حول استخدام التقنيات في التعلم وغياب تجربة الحرم الجامعي فأن يكون التعليم الألكتروني على حساب التعليم الجامعي هذا شيء آخر ومخيف ومختلف عن نفس موثوقية التعليم الألكتروني.

وفي الوقت الحالي ينجه المتبنون الأوائل للتعليم الألكتروني مثل أستراليا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة عمومًا إلى اعتبار الشهادات عبر الإنترنت جيدة مثل تلك التي يتم تقديمها وجهًا لوجه ويدرس الآلاف من الطلاب في تلك البلدان عبر الإنترنت من المرحلة الجامعية حتى مستوى الدكتوراه. فالاتجاه الذي تشهده الجامعات في تلك الدول يمثل النمو والتضاعف الكبير في نسبة الطلاب الذين يأخذون دورة واحدة على الأقل عبر وضع الاتصال بالإنترنت.

ويمكن القول أخيرا أنّ الواقع اليوم يرشد إلى أنه يتعين على الطلاب العمل لدعم أنفسهم من خلال الجامعة ، كما أن المرونة والراحة في العروض عبر الإنترنت تعد مكافأة كبيرة. جعل التعليم

التعليم الإلكتروني يحقق هدف التعليم للجميع

خيارات التعلم عبر الإنترنت جعلت التعليم أكثر سهولة وقطعت شوطا للمساعدة في تحقيق هدف "التعليم للجميع". حيث يمكن للطلاب الدراسة من أي مكان (تقريبًا) وفي الأوقات وبالسرعة التي تناسبهم. كما أنه يوفر فرصة رائعة لكثير من الناس في التعلّم، ولكن أحيانًا يتم التغاضي عنها لربط الطلاب من مختلف البلدان والثقافات.

ومع ذلك ، من المهم الاعتراف بأن التعلم عبر الإنترنت ليس بالضرورة متاحًا للجميع - فبعض الطلاب يتناسب معهم الدراسة في الحرم الجامعي وجهًا لوجه أمثر من التعليم الألكتروني. وذلك لأنَّ الدراسة عبر الانترنت تتطلب عدة أمور أخرى تم تلافيها في الحرم الجامعي منها مثلا أنه يرتكز على استقلالية الطالب والتوجيه الذاتي والإدارة الجيدة للوقت بمعنى أن التعليم الألكتروني يتطلب أن يراقب الطالب نفسه بنفسه وأن ينظم ويدير وقته كذلك وأمور أخرى غيرها كثيرة قد لا تجعل التعليم الألكتروني مناسبا لبعض الطلبة.

ومن الأسباب الأخرى التي تواجه التعليم الألكتروني أنّ بعض الطلاب بحاجة إلى التفاعل الاجتماعي والجسدي مع الطلاب الآخرين ومع المعلمين. ولكن في بيئة التعلم عبر الإنترنت، يتم الفصل بين المعلم والمتعلم ومن ثمّ فإن كيفية التعامل مع هذه المشكلة يساهم في نجاح أو فشل التعلم عبر الإنترنت.

وإذا عدنا إلى نفس التعلم الإلكتروني سنجد أنَّ هناك العديد من أصحاب المصلحة في بيئة التعلم عبر الإنترنت. فمن تلك الأطراف المؤسسات التي تقدم التعليم عبر الإنترنت ، والموظفون الذين يقومون بتدريس الدورات ، والطلاب المسجلين في الدراسة عبر الإنترنت ، والآباء الذين يدفعون رسوم أطفالهم ، وأرباب العمل المحتملين للخريجين من الدورات التدريبية عبر الإنترنت ، والوزارة أو الحكومة والمجتمع الأوسع. ومن ثم يمكن القول أنَّه أوَّلاً وقبل كل شيء ، يرغب جميع أصحاب المصلحة هؤلاء في أن تلبي الدورات التدريبية عبر الإنترنت معايير معينة ، وأن تكون مضمونة الجودة ومعتَمدة ، وبالتالي يتم الاعتراف بها محليًا ودوليًا. مما يعني وجود بيئة سياسة حكومية داعمة.

ولأجل التقدم في هذا المجال يجب أن تكون المؤسسات التي تقدم الخدمات عبر الإنترنت قد حددت بوضوح آليات ضمان الجودة المعمول بها للموظفين والطلاب والتأكد من تنفيذها. ويجب أيضاً أن يكون الموظفون الذين يطورون ويقدمون خدماتهم عبر الإنترنت مؤهلين ومدعومين بشكل احترافي. كما يجب توفير الموارد الكافية والاستثمار في التكنولوجيا الناجحة.

وأخيرًا ، وبنفس القدر من الأهمية ، يجب أن يكون هناك ضمان بأن المتعلمين لديهم إمكانية الوصول إلى الدعم مباشرة خلال رحلة التعلم ، من القبول حتى التخرج. والمفتاح في هذا السبيل هو تطوير طرق يشعر بها الطلاب عبر الإنترنت كما لو كانوا ينتمون ، ومتصلين ، ويمكنهم تطوير العلاقات الدراسية والبحثية - حتى لو كانت افتراضية.

ولدعم هذا الاتجاه ، يحتاج المعلمون إلى الانخراط بشكل استباقي مع الطلاب والتعرف عليهم والحفاظ على الاتصال طوال فترة دراستهم ، بالإضافة إلى دمج طرق لتحفيزهم وتشجيعهم وتشجيع الطلاب على الاتصال بأقرانهم وبالمعلمين أيضًا. وينبغي التنبيه هنا إلى أنّه يعد المدرسون غير المستجيبين عاملاً مهمًا في عدم استمرار الطلاب في دراساتهم عبر الإنترنت.

مخطط دعم مترابط لتطوير التعليم عبر الانترنت

يمكن تلخيص العملية برمتها كمخطط دعم مترابط حيث يقوم الطلاب بالتعلم ، ويقدم المعلم المواد التعليمية ويدعم عملية تعلم الطلاب ، وتوفر مؤسسة التعليم العالي البنية التحتية والأنظمة للمدربين الذين يقدمون الدورات إلى الطلاب وتوفر سلطة الوزارة أو الحكومة التي تشرف على اعتماد البرامج الأكاديمية سياسة مناسبة لجميع أصحاب المصلحة المشاركين في التعليم عبر الإنترنت.

ويمكننا القول أخيرا: لقد جلبت التكنولوجيا مزايا كبيرة لبيئة التدريس والتعلم عبر الإنترنت. لقد غيرت طريقة التدريس والتعلم وفتحت عالم التعلم والفرصة لأولئك الذين لم تكن لديهم مثل هذه الفرصة بدونها.

ومع ذلك ، لكي يكون التعليم عبر الإنترنت ناجحًا ، يجب أن يكون هناك التزام ودعم من قبل الحكومات والمؤسسات والأكاديميين والمتعلمين. وضرورة مطلقة لتوفير تعليم جيّد. وهذا يعني وجود مؤسسات ذات موارد جيّدة ، وموظفين مؤهّلين جيّدًا ومتحمّسين ، وآليات جيّدة ومستمرّة لضمان الجودة وقيادة داعمة.

تعليقات